
الحاج/ عبد الله محمد حمدان عبد الرحمن
(أبو محمد الشلو) – صاحب بقالة في المخيم
كان ميلاده في قرية عبدس في العام 1928م، القرية الفلسطينية، على بُعد 25كم شمال شرق مدينة غزة.
أبوه “محمد حمدان عبد الرحمن” وأمه “مدللة وشاح” من قرية بيت عفا، انجبا ثلاثة أبناء وبنتين، الإبن عبد الله كان ترتيبه الثاني بعد أخته الكبيرة. كان والده “أبو عبد الله” يعمل في الزراعة والفِلاحة، فعبدس تنتج الحبوب من قمح وشعير وذرة كما الأشجار المثمرة كالعنب والمشمش والبرتقال والزيتون وغيرها.
تيتم عبد الله واخوته صغاراً، فقد مات ابوه ومن ثم أمه ولم يلغ أشده، فراح يبذر القمح والشعير خلف جده “حمدان” فتىً، يعمل في أرض المرحوم يحرثها ويعزقها ويبذرها ويعتاش واخوته من محصولها وثمرها، تعتني بهم أختهم الكبيرة “رسمية” في كنف جدهم.
تزوج صاحبنا عبد الله فتاً ابن خمسة عشر ربيعاً من ابنة عمه “فاطمة عبد الرحمن” في عام 1943م، التي كانت تكبره بسنتين، رزقهما الله في عبدس وغزة بستة أبناء (محمد، حمدان، عبد الرحمن، ابراهيم، خليل وأحمد) وأربعة بنات.
إثر نكبة فلسطين عام 1948م. واغتصابها من قبل العصابات الصهيونية بدعم من بريطانيا العظمى ووعد بلفور المشؤوم، شُرِّد الشعب الفلسطيني إلى دول الجوار وفي الشتات، فراح سكان قرية عبدس كغيرهم من قرى ومدن الجنوب الفلسطيني إلى غزة، فأخذت زوجة صاحبنا أولادها صوب الجنوب وبقي زوجها الشاب يناضل مع المناضلين على أمل صد المُحتلين وعودة المُشردين، لكن النتائج لم تكن كما أراد الفلسطينيون، وتلك قصة أخرى لسنا بصددها هنا.
كانت زوجته “أم محمد” قد وصلت بعناء وعذاب غزة والتقت بأهلها المشردين وحطت وأولادها، أكبرهم أربع سنوات وأصغرهم رضيعاً في خيمة من خيام اللجوء، إلى أن جاءهم الوالد “عبد الله” وانتقل بهم إلى مدينة خانيونس لأشهر معدودات، وينتقل بعدها ويسكن غزة البلد.
وما أن أنشأت وكالة الأونروا مخيم الشاطئ في العام 1951م. عاد عبد الله وأسرته ليسكن مخيم الشاطئ في منطقة (مسجد عسقلان حالياً).
عمل صاحبنا أبو محمد لدى إحدى عائلات بسيسو بأجر يعتاش به وأسرته، ومن ثم انتقل ليعمل لدى تاجر المواد الغذائية “رشيد جاد الله” في دكانه مقابل مدرسة الزهراء بحي الدرج، فتعلم البيع والشراء والبقالة.
بعد نكسة 1967م، وإبان احتلال إسرائيل لقطاع غزة، خافت زوجته عليه من بطش جيش الإحتلال، فاقترحت عليه بفتح دكان في بيتهم بالمخيم، وهكذا أصبح لهم بقالة لبيع المواد الغذائية ومستلزمات المنزل، وراحت سُمعتها وشهرتها تسري بين بيوت المخيم في تلك المنطقة، إذ كانت الدكان الوحيدة هناك، ولأن صاحبها كان طيب القلب والمعاملة، رجلاً كريماً بشوش الوجه، متساهلاً، حيث دفتر الدين لا بدَّ من وجوده في الدكان، ركناً أساساً من أركان الدكان.
في أوائل الثمانينيات يسافر أبو محمد إلى المملكة السعودية للعمل قرابة الست سنوات في عدة أعمال، منها تعبئة وتوزيع اسطوانات غاز الطهي على المنازل ووالأفران والمطاعم، وليعود إلى غزة في نهاية العام 1985م، وليمارس عمله في دكانه، ولتفارق زوجته أم محمد الحياة في العام التالي (1986م.).
بين الزوجين قصة طريفة في حياتهما، ذلك أن أبا محمد أراد أن يزرع شجرة عنب – عنبة، دالية – في زاوية من زوايا البيت، فحفر حفرة كبيرة وعميقة، قالت له أم محمد: كفى حفراً، فقد زادت عن حدها عمقاً، فأجابها، بأن استمر في الحفر، وأن جلس في قاع الحفرة وأشعل سيجارته، وراح ينفث دخانها، فإذا بالحفرة تهيل ويدفن التراب أبا محمد، فتصرخ أم محمد صراخاً لمَّ رجال وشباب الحارة، فأنقذوه، وعاش أبو محمد من جديد.
تزوج أبو محمد زوجته الثانية، وانتقل وإياها إلى حيث يسكن أولاده من عمارتهم بحي الشيخ رضوان، وليفتح دكاناً ثانية هناك، يواصل ما بدأه في المخيم.
حرص الحاج أبو محمد والحاجة أم محمد على تعليم أبناءهم تعليماً لائقاً ومتقدماً كما التربية الحسنة وآداب الجيرة والجوار والمعاملة، فكان منهم المهندس الزراعي المختار محمد (أبو الفهد)، الذي عمل مديراً عاماً في وزارة الزراعة، والدكتور الرائع “د. حمدان”، طبيب الغلابا، والأستاذة المتفوقين (عبد الرحمن وإبراهيم وخليل واحمد) في شتى العلوم.شقوا طريقهم في الحياة وبنوا أسرهم وخلفوا الذرية الصالحة.
رحل الحاج ابو محمد في شهر رمضان الفضيل عام 2006م، بعد حياة مليئة بالكد والكفاح والعمل والمحبة والطيبة والعمل الصالح، له من الأبناء والأحفاد وأبناء الأحفاد قرابة 230 نفراً..
رحم الله الحاج/ عبد الله محمد عبد الرحمن (الشلو) رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
منقول