تاريخ عبدس وفلسطين

عبدس : مدن وقرى فلسطينية دمرها الاحتلال

مدن وقرى فلسطينية دمرها الاحتلال • كتب : محمد سالم الأغا 

عـــــبـــــــــــدس

تقع قرية عبدس شمال شرق مدينة غزة، وتبعد عنها، 43 كم تقريباً، وعن مدينة المجدل

13 كم تقريباً، و عن قرية جولس 5 كم تقريباً، وعن قرية السوافير 3 كم تقريباً، وترتبط الأخيرتين بطريقين فرعيين يصلهما بطريق المجدل ـ المسميةـ بطريق القدس وهي معبدة ، ويروي التاريخ الفلسطيني أن قرية عبدس ، بُنيت علي أنقاض قرية ” حداشة ” الكنعانية، وترتفع قرابة 75 متراً عن سطح البحر، وهناك بعض الآثار الرومانية القديمة، مثل المقابر، ومغارات وصهاريج، و أساسات لبيوت قديمة، وخزانات مياه وآبار مياه قديمة، كانت تظهر في أطراف قرية عبدس، وأكد لي أحد الأخوة من أبناء عبدس : ” أن أهل القرية وجدوا ضريحين أحدهما للشيخ سلامة، وثان للشيخ صبرة، أثناء استصلاحهم لأرضهم في الثلاثينات من القرن الماضي .

ويروي التاريخ الفلسطيني أن العمران في قرية عبدس أمتد واتسعت مساحتها في السنوات الأخيرة من الانتداب البريطاني علي فلسطين، وكان بها مسجد وكتاب لتحفيظ القرآن الكريم، وكان أهلها يغرسون الأشجار المثمرة كالعنب والمشمش والبرتقال والزيتون، كما أهتم أهالي القرية بالتعليم فأنشئوا مدرسة مبنية من الطين، لتعليم القرآن واللغة العربية، والعلوم الأخرى، وكان المُعلم الشيخ مصطفي من قرية السوافير يتلقي أجره نظير تعليمه لأبناء القرية، من أولياء أمور تلامذته، وهو عبارة عن كمية من الحبوب مثل القمح والشعير …

وذكر لي الأخ الشيخ صالح أن أهل عبدس كلهم أساسهم راجل واحد أي عائلة واحدة، وجدهم جميعاً واحد، جاء من مدينة الخليل هو وزوجته، وسكن بها، وأنجب أبناءه، ولكنه أستدرك قائلاً : أن أهالي عبدس من أبناء حمد وحماد استضافوا بقريتهم عائلتين أحدهما من مدينة يافا، وهي عائلة هنية، والأخرى عائلة مصرية جاءت الي فلسطين تبحث عن رزقها في الثلاثينات من القرن الماضي، هي عائلة الفاضي، ونزحت إليهم عائلة ثالثة من قرية عراق سويدان المجاورة، هي عائلة عبد اللطيف …

ومن عائلات عــــــبــــدس الكريمة ، آل شحاذة، آل عبد الرحمن، آل يوسف، آل جمعة، آل عبد الهادي، آل عبد المجيد ، آل محمد، آل صافي، آل أبو الريش، آل أحمد ، آل موسي, والجدير ذكره في هذا المقال أن كل هذه العائلات الكريمة مرتبطون مع بعضهم البعض بروابط المصاهرة والقرابة …

ويروي التاريخ الفلسطيني أن قرية عبدس قاومت الغزو الصهيوني لفلسطين وصمدت في وجه المستوطنين الأوائل وكبدتهم خسائر فادحة، ومن الجدير ذكره أن أهالي عبدس ووجهائها استعانوا بالجيش المصري الشقيق عند مجيئه لنصرة شعبنا الفلسطيني 1948، وجاءتهم قوة من الجيش المصري الشقيق تعدادها 350 جندي بقيادة النقيب رفعت، , و استعان المستوطنون الصهاينة بلواء جيفعاتي ودارت معارك حامية بين الجانبين حتي نفذت ذخيرة الجيش المصري واستشهد قائدهم وبعضاً من جنودهم، وتفرقت جموعهم وانسحبوا من عبدس وأنسحب معهم سكان قرية عبدس في حالة من الذعر والارتباك قبل، 22935 يوماً، ولتصبح قرية عبدس وما جاورها من قري مجاورة، خاوية من أهلها ليعيث جنود الاحتلال في منازلها بحثاً عن غنائم تركها أهلها وأصحابها علي أمل العودة لها ، لكن الجرافات الصهيونية أخذت بتغيير معالم القرية وسووها بالأرض كعادتهم في إخفاء آثار جرائمهم ومحارقهم المستمرة لليوم الذي نعيشه …

والتحق أهالي عبدس بأهالي المدن والقري الفلسطينية برحلة طويلة، وقاسية ومريرة، ليحطوا رحالهم في قطاع غزة ويصبحوا كغيرهم ينتظرون فرج الله ، بحل قضيتهم الفلسطينية حلاً عادلاً، والتعويض لهم نفسياً ومادياً عن ممتلكاتهم الثابتة والمنقولة التي خسروها، وتلبية مطالبهم الشرعية بعودتهم الي ديارهم ، فلا زالت مفاتيح بيوتهم مُعلقة برقاب أهالي عبدس …

ويسرني أن أقتطف جزء من مذكرات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله والتي تحدث فيها عن مقاومة شعبنا الفلسطيني للهجمات الصهيونية 1948، أثناء مروره من القرية …

من مذكرات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله :

(( توجهت مع السرية الأولى إلى محلاتها عند تقاطع الطريق جولس – عبدس.. وكان الموقع مغمورا بالنيران من التباب غرب عبدس.. واتخذت السرية مواقعها تحت النيران.. واستترت مع عبد العزيز في حافة الطريق.. وكان الرصاص يتساقط حولنا.بعد أن استقرت السرية حوالي الساعة 600 في محلها ركبت حمالة وعدت إلى السرية الرابعة وقد تعطلت الحمالة.

ذهبت إلى السرية الرابعة وكان يطلق على مواقعها نيراناً أوتوماتيكية من ناحية ” نقبا ”

وكان الرصاص يمر فوق رؤوسنا.ووصل سامي يس إلى موقع السرية وطلب مني أن نذهب إلى السرية الأولى فذهبنا وكانت النيران قد تزايدت على مواقع السرية.وحاولنا معرفة مواقع العدو ولكنها كانت مختفية فاستترنا خلف إحدى الحمالات..ثم ركبت مع سامي حمالة وتوجهنا إلى المحلات التي يطلق علينا منها …

ولكن لم نتمكن من تمييز محلها.وعدنا ولكن لاحظت أن هناك دما يتساقط على القميص.. فسألت الجاويش عبد الحكيم الذي أخبرني أن هناك جرحا بسيطا في ذقني.. ثم قمت مع سامي للعودة فقام العدو بإطلاق نيران شديدة على الحمالة فشعرت أني أصبت في الصدر من الجهة اليسرى…

ونظرت فوجدت أن الدماء تبلل القميص حول الجيب الشمال وأن القميص به خرم متسع..وكان محل الإصابة يظهر في منتهي الخطورة.. فوق القلب.. فأخبرت سامي الذي أخذني إلى محطة الغيار ” محطة الأسعافات الأولية ” الأمامية.وقد كان منظر الجرح يدعو إلى القلق ولكن عندما فحصه الطبيب قال انها شظية وليست رصاصة. ونقلت في الحال إلى مستشفى المجدل. ودخلت غرفة العمليات وبالفحص وُجدت بالجرح شظيتان صغيرتان أخرجهما الدكتور وخيط الجرح.وقد ارتفعت روحي المعنوية وحمدت الله فأول ما خطر على بالي عند الإصابة كان الأولاد وأمهم.. والحقيقة أنه عندما عرفت محل الإصابة فقدت الأمل في النجاة ولكن الله كريم … بقلم فخامة الرئيس العربي المصري جمال عبد الناصر رحمه الله كما جاء في مذكراته …

الاعلامي جهاد أحمد

الاعلامي جهاد أحمد من قرية عبدس الفلسطينية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى